تصريح الدكتور عبدالله بن عمر بافيل مدير جامعة ام القرى “الحركة العلمية للمسجد النبوي في العهد السعودي”

تصريح الدكتور عبدالله بن عمر بافيل مدير جامعة ام القرى “الحركة العلمية للمسجد النبوي في العهد السعودي”

إ

إن موافقة الأمر السامي الكريم على إقامة ندوة “الجهود العلمية في المسجد النبوي في العهد السعودي”، ترجمة واقعية لعناية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله-بمنهجية الحركة العلمية في مختلف مجالات العلوم وبخاصة علوم القرآن الكريم، والسنة النبوية وعلومها لطلبة العلم الصحيح من كل أقطار العالم.

وأهم ما تعكسه إقامة الندوة العلمية في الوقت ذاته، عناية قادة هذه الدولة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، باعتبارهما أساس قيام هذه البلاد المباركة، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه– وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.

وفي تصوري الشخصي أن انعقاد الندوة العلمية ضمن جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، يشكل في إطاره العام حلقة مهمة وجوهرية لتشجيع البحث العلمي، وإذكاء روح التنافس بين الباحثين في تسليط الضوء على مسارات الحركة العلمية التي شهدها المسجد النبوي الشريف خلال  العهد السعودي الميمون، والتي اتسمت بشهادة المؤرخين والمتخصصين بالانفتاح والتنوع على المذاهب الأربعة “الحنبلي، والشافعي، والمالكي، والحنفي”، وهو ما ساهم في التنوع الفكري والعلمي وخاصة في قضايا النوازل الفقهية.

ومن خلال الاستعراض المنهجي للدراسات والأبحاث التي تناولت تاريخ المدينة المنورة العلمي انطلاقًا من المسجد النبوي الشريف على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم، أُجزم بأن الحقبة السعودية ساهمت بشكل كبير في تمدد الحركة العلمية لذا اتسم عهدها بالبعد عن حالات الركود الثقافي، وهو ما ظهر من خلال هجرات وانتقالات العلماء إلى المدينة المنورة التي استقطبت مئات العلماء من الأقطار والبلاد الإسلامية، فلا تكاد تجد بلداً إلا وفي المدينة فئة منه، اتخذوها مُهاجَراً لهم، وامتزجوا بأهلها وصاهروهم، حتى امتازت أسر المدينة باختلاف الأعراق وتنوع الثقافات، إضافة إلى الاتجاهات الفكرية المختلفة التي انتشرت فيها، ويثبت ذلك أن طيبة الطيبة كانت حاضرة تاريخياً وعلمياً ، منذ  المؤسس وحتى الحقبة الحالية خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإظهار ذلك جهد مشكور لجائزة نايف العالمية للسنة النبوية في إقامتها لندوة “الجهود العلمية في المسجد النبوي في العهد السعودي“.

أمر آخر يدخل ضمن الدلالات المهمة للندوة، يتمثل في توقيتها المناسب لإظهار  المخزون التاريخي والعلمي للمسجد النبوي الشريف خلال العهد السعودي، وأتمنى أن يُحدث ذلك زخمًا لما بعد الندوة، كاعتماد مشروع تاريخي يبرز تلك الجهود بطريقة منهجية وعلمية أكثر مما هو حاصلٌ الآن، أو يشجع الباحثين على إشباع هذا المجال بالدراسات البحثية المنهجية، كونه يسهم في تأصيل هذه الحقبة منذ قيام الدولة السعودية الثالثة على يد مؤسسها طيب الله ثراه.   

ويمكن الاستدلال الراهن على أهمية الندوة من خلال استعراضها لفرع  معهد الحرم المكي بالمدينة المنورة وكان ذلك مطلع العام الدراسي 1422هـ/1423هـ، وهي امتداد للشجرة المباركة التي غرسها سماحة الشيخ عبد الله بن حميد – رحمه الله- بعد موافقة مباركة من جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز (رحمه الله) بإنشاء كلية الحرم المكي، للإسهام في تعليم الناس عمومًا وتثقف الحجاج والمعتمرين والزوار ، ومنذ تلك الفترة إلى وقتنا الحاضر (نحو عقدين من الزمان) ولا يزال طلبة العلم يتوافدون من مختلف الأقطار والبلدان على المسجد النبوي، وينهلون من المساق العلمي المنتشر داخل أروقة المسجد المدني، ويتلقون مختلف المعارف، وشتى الفنون والمتون العلمية، ويثنون ركبهم بين أيدي المشايخ والعلماء[1].  

ويحسب لمعالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي اهتمامه بالمخرجات التعليمية في كلية المسجد النبوي بإدراج مادة “منهج البحث العلمي وتاريخ المملكة والحرمين الشريفين” في بعض الأقسام العلمية ضمن المقررات الدراسية في المرحلة الجامعية، وهي خطوة من إحدى الخطوات التي نستطيع من خلالها تبيان جهود المملكة العربية السعودية في دعم الحركة العلمية للحرم المدني، ويبرز ما قامت به من أجل ذلك. 

أخيرًا أسأل الله العظيم أن يجزل الثواب العظيم للأمير نايف بن عبد العزيز، وأن يجعل هذه الندوة وما تقوم به الجائزة في ميزان حسناته، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وأن يسدد خطاهما في كل ما يخدم الحرمين الشريفين في استمرار حركته العلمية المباركة. 

*مدير جامعة أم القرى بمكة المكرمة  


1 – المناهج الدراسية في كلية المسجد النبوي بين الأصالة والمعاصرة، د. سليمان قندو

شاركها